محمّد علي الحامّي : باعث الحركة النقابيّة 1890 - 1928
ولد محمّد علي بن المختار الحامّي سنة 1890 من أب فلاّح فقير بحامّة قابس وفقد والدته في سنّ مبكّرة فأخذه أبوه إلى العصمة ليقيم عند أخته واشتغل كعامل بقنصليّة النمسا وسنّه دون العشر سنوات. تعلم الألمانيّة والفرنسيّة والإيطاليّة وصناعة الميكانيك ثمّ أصبح السائق الخاص لقنصل النمسا ثمّ انتقل إلى تركيا في خطّة سائق لدى الوزير التركي أنور باشا (شخصيّة سياسيّة وعسكريّة شاركت في مقاومة الاحتلال الإيطالي للقطر الليبي سنة 1911). وإثر الحرب العالميّة الأولى انتقل إلى ألمانيا حيث تابع دروسا في الإقتصاد السياسي بجامعة برلين كما عاش عن كثب تصاعد الحركة العمّاليّة والنقابيّة في ألماني. وفي مطلع سنة 1924 عاد محمّد علي الحامي إلى تونس "بأفكار لا تتّسع لها البلاد" إذ فكّر في إنشاء شركات تعاونيّة زراعيّة صناعيّة وتجاريّة للنهوض بالبلاد اقتصاديّا واجتماعيّا إلاّ أنّه سرعان ما عدل عن مشروعه واكتفى بالتفكير في جمعيّة تعاونيّة استهلاكيّة بهدف مقاومة غلاء الأسعار التي كان يعاني منها العمّال وبقيّة الفئات الفقيرة ووجد تجاوبا في ذلك من قبل بعض المثقّفين أمثال ابن بلدته المفكّر المصلح الطاهر الحدّاد وانعقد اجتماع بغرض انتخاب الهيئة التي ستشرف على المشروع (جوان 1924) وفي الأثناء جدّت عدّة إضرابات خاصّة في قطاع الرصيف ببنزرت فتولّدت عنده فكرة بعث نقابات تعاونيّة إلى حركة نقابيّة (جانفي 1925) مؤطّرة للتحرّكات العمّاليّة فبعث جامعة عموم العملة التونسيين التي رأى فيها المستعمر بداية الوعي السياسي والاجتماعي لدى الشعب التونسي وبداية مرحلة التمهيد لمقاومته
وبعد أن شهدت البلاد التونسية سلسلة من الاضطرابات بدأت السلطات الاستعمارية تخطط للقضاء علي الحركة النقابية الناشئة وتعطيل نشاط باعثيها ومؤسسيها خصوصا محمد علي الحامي الذي اعتبرته جاسوسا ألمانيا . وفي صبيحة يوم 5 فيفري 1925، ثمّ إيقافه، ورفاقه النقابيين الآخرين وهم مختار العياري وبول فينيدوري وآخرين ليمثلوا أمام القضاء بتهمة التآمر علي الأمن الداخلي. وقد قضت المحكمة بنفيهم جميعا خارج البلاد. وبعدها عاش حياة مضطربة قادته إلي ايطاليا، ثم إلي تركيا، ثم طنجة حيث كان ينوي الالتحاق بثورة الريف بقيادة عبد الكريم الخطابي، ثم إلى مرسيليا، ومنها إلى القاهرة حيث عمل سائقا لشخصية سياسية كبيرة.
بعدها انتقل إلي الحجاز ليعمل سائقا، وهناك توفي في حادث سيارة في الطريق الرابط بين مكة وجدة وذلك في صيف عام 1928
إهداء إلــى روح الشهيد المناضل
محمد علــي الحامــي
الأرض علــــى تربتــــــــــــــــها
ديمــــــة الكريمــة تحــــــب زرّعتــــها
وفي نبتـها تصان من ضنوتهــــا
وتمنــــع على اللّي ناويـــــــة التخريـب
لا بـــوّرت لا ذبّلــت نبتــتـــــــها
لا جــرولــــت لا خشّــــها تكــــــــريــب
كيــف ما خلقـها ربنـا بطيبتـــهـا
زادوا عــلاها الطيبــيـــن الطيــــــــــــب
دفعــوا ثمنــها دم عل سبّتـــهـــا
ومـــازال بيــــه مخـضّبـــــة تخــضيــب
ومازال تعطي خيــرها بصابتهــا
فـــي ما مضى وحتى القـــــدوم قريـــب
ومازال زهو الحامة صيود تهـــا
تــــاريخهـــم مـا تجمعــــه كتـــاتيـــــب
ومازال كنـز الحامـة وثـروتهـــا
لجيـــال تبـــــدع بدعهــــــا بتـــرتيـــب
وكل قافلــة تحسب على قادتهـــا
اللّــــــــي يضمناها تفـــوت كل صعيـب
ومازال عــز الحامة ثـورتـــهـــا
إذا النـــار شعلــت هــــــم للـــــها لهيـب
ومازال روح الحامة ونكهتــهـــا
دم العرب فــي وجوههـــــم ما يغيـــــب
ومازلت نذكر صولها وجولتهـــا
فـــي المعركـــة يتراد حــوا مجــــاديـب
نهارات ســودة حانكة ظلمتــــها
إنقّــــوه من لســــــود بيــاض الشيـــــب
فراسينـها لا تنتسـي خصلتــــها
طيـــور دم كانــــا سحبــــــوا تسحيــب
طيــــــــور دم خلــــــــوا فجـــــر
لا تاجـــــــــر ولا طالبــيــــن الأجـــــــر
ا تلاعبوا بالوطن لا هم غجــــر
صناديــد ذلاليــــــن كـــــل صعـــيــــــب
نقشوا سطر تاريخهم في الحجر
عليهــم دمـــــــوع القارييــــن سكيــــب
لحــــــــرار سكنــــوا الجـــــــو
يتنافــــروا لـــو كـــــــــــــان رو و رو
وكان الايعادي من بعيــد لفـــوا
يســـابقـــوا ويبـدوا علـــــــى التعطيــب
سوى قبل قبل القبل ولى تــــوا
حب وطنهم بين الضلــــــوع خصــــــيب
يامـا عليـــه تعذبــــوا ولــــووا
لا فـــــرطوا لا ودعــــــــوا للـــغيــــــب
يامـــــا عليه ترمضـوا وجــروا
من الشــــــرق لأقصى لوين شمسه تغيب
لكرام عزمـوا عزمهــم وبنـــوا
بيـــت الكـــــــرم طعام كــل حبيــــــــــب
ا لأقــــلام فيه تبهــذلوا وعيـــوا
جف حبــــرهم فـــي المجد و التحسيـــب
العمال من علم المــحبـــــة رووا
من شهد رايدهم بصــدق وطيــــب
اللّي نوروا وســط الــظلام ضووا
عهد الظلام لظلـــم مع التضبيـــــــب
اللّي اسيّـــسوا وسط السياسة بنوا
مثابـات ضــــــد الفقـــر و التسليــب
اللّي حرضوهـــــم دوم لن خــذوا
حـقوق غابرة من الغــــرب والتغريب
المــاضي مشى والماضيين مـضوا
والمــجـــد لا يحتـــاج للتعقـــيـــــــب
أهل الوفــاء من كيلهــــم وفّـوه
ومنــا الوفـــاء للوافييــــن نصــــيب
مـــــــــن ثـــــــوّر العمــــــــــال
ومــن حرّر أجيالن وراها أجيـــــــال
ومــــــن قـــام بالآذان مثــل بلال
فتح فـــتــح العــــــرب للتعــــريـــب
مشــــــي الحــامي قعدتنــا الأفعال
إلّي خيرها إبدّل المـــر حلـــــيــــــب
لا ترتثـــــــــــي الأجــــــــــــــواد
غير فعلـــــهــم ينعاد فــــــي الميعــاد
قريب ننتـــــسوا وننسوه لإستشهاد
معاهم مشــــــى وجان زمان غريــب
لا فيـــــــــــــه لا صنديــد لا صيّـاد
عــصـر قهـاوي واللكبـود إطّيــــــب
لا ننسبــــوا للطاهـــــر الــــحــداد
ولا نرجعـــــــــوا للحسب و التنســيب
ولا الصقر لســــــــود قائــد القيـاد
بعدنـا عـلى الأسبــاب و التسبـــــيــب
عجب العـجب فسط العجب إعجاب
خيبــــــنا وفتنا خيبـــة التخيــــيـــــب
لا عـــاد لا رايـــــــد ولا ريــــــــاد
ولا فــــارس يقدر يقــــــــود سبيـــب
ولا مــن إعيّـــط ضايمـــين أوغاد
قعدنا علـى التظليـــــل والترييـــــــب
وحتـى عــياط القدس عاد وعـــاد
إعتدنــا على التلطيــــم والتكبــــيـــب
إحنا أوذانا إعــتادت علـــى الغـرّاد
غــريد الغــراب لسود وفـــيه نحيـــب
إحـنا نشربوا في جـــــعدت الجعّاد
بين المــعاصي شعـــــــوذة وترييــب
المفروض في وسط أسواقنا الحداد
إنديــروا عــزي مقبـــــول للتــــمديد
وانحضـــروا النفاق والإلحــــــاد
وانحضـــــروا الكــــــــذّاب بأكاذيــب
وأنــــا عـــليّ النظــــــم والجـرّاد
وحتــى دموعـــي إنزيــدها تسيـيــــب
وانحظـــــــروا الدغباجــــــــــي
و يبدا علــــــى روس الرهوط يهاجـي
ويلقــى أوضاع الوطن فيه تراجي
ما بيــن ضعـــف الحال والتـنكيــــــب
وما بين إيد الخـــطـف واللغباجـي
انشـلّــت وجبتـلــها أعـــــــز طبيـــب
مشــي الحـامـي الـغفاري
بقـت مدرسة للجـاهلي والـقاري
بقت عفسته ماهزهاش الـواري
كتب عليـها قلـم كل خـــطيب
عزيز نفس يرفض كل منه اجباري
مـن أصل أصله يرفـض الترهيب
فتح باب كان مسـكرة الـزياري
المحروم حقـه بـان منه نـصيب
يـاما عليهـم غابـر الـغـــواري
بعـدن مشوا في العفس و التنكيب
و يا ما كسروا وماجوعوا من ضراري
وقـداش خلوا فـي القـفار غريب
ومـاشردونـا ضـاهـري وجفـاري
ومافـرقـونا و دايريـن نحيـب
ولـولا ألـطاف الله والـغفـــاري
رانـا وليـمة كل كـلب و ذيـب
أني يـا جـماعة قـاصرات أشعاري
و الفكر في بعض الأحيان يغيـب
نغـدي ونطـلـمس على مـعيـاري
ويـبعد علي الـوزن و الترتـيب
وباقــي القصيد تطول طول أحراري
اللي طولهم طــول الوطن تقريب
اللـي فكرهم فايت أجـوار أجـواري
اللــي علمهم ما فيه حرف العيب
اللي جهدهم ما يردعــه جبـــاري
كل الجبابــرمن حــذاه تغيـب
وديمة أصــول الأصل تبقـى إداري
ولاعمــرها شمـس المحبة تغيب
لاغيــبت فـــي فضــــاءها
و لاالعمـر ذلت من سحاب أعداها
ولا خشــها فاســـد سكن مـعاها
ولا بايعـــت كافـر عليه صليب
تحيــات لأرواح البطـــولى فيها
من قلب يعشــق عشقها و يجيب
مــــن لا يـنســاهـــــم
ومن روح تسبح في الفلك معـاهم
مـن عين تدمـع لا قرت إسـماهـم
مصابـيح يضاووا على محاجـيب
ومـن كبد تقـطر دم زي إدمـاهــم
إغبي حثـرهـم ولا قعـد ذهـيب
وكان يرجعوا يلــقوا الزنوس حذاهم
تــو يرجمـونا رجم بمشـاهيب
وكــان يعرفوا كل العرب بعــناهم
تـو يذبحونا بــفاس للتحطيـب
وكان يعـرفوا في غــيابهم خـناهم
تـو يطلبوا سرسـرا عليـنا إسيب
ويجـيب رب الكـون بعض إدعـاهم
والأرض تبـدى حـفر وزراديـب
إينـوضوا يخلوا قبـورهم و غـطاهم
ويجـددوا بثـورة عـلى التخريب
ويـحاكم كـل مـن خذل مبـداهــم
وبــدل على مبـداه مبدا الجـيب
خسـارة القادة لــكلــهم دسـناهم
بالسمــسرة و الجبن والتهـريب
يــا ريتــهم لا جــو لاشفـناهم
ويـاريتـنا قعـدنا لتـو أعازيـب
خـير ما إنجـيبوا أولاد لاهـم لاهـم
مكافيـخ تمشـي روسها مصاليـب
يـارب حسـن وضعنا وقـضاهــم
وبـرم افلاك الخير لـنا تجــيب
تجيـب نصر يهزم كـل مـن عاداهم
بجـاه جاه جاهـك املنا ما يخيـب
لا يخـيــب فيـنـــا أمــــل
ويـن تنغـلق لبواب نلقـوا الحل
من الـحامـة أول الخـير وصــل
ربـنا خلقـنا مـا علـيه صعيب
مـن الحامـة شـمـس العرب تطـل
مـن خير خيـره دايره موازيـب